كم هو حزين !! مقارنة الماضي بالحاضر لشيء حزين، حزين
كحزننا على فقدان شخص للحياة، شخص لن يعوضه لا الزمن ولا الذكريات، شخص لن يعود ولن
يجدده الزمن، تلك هي طفولة الإنسان، هي مرحلة تتأسس بها قاعدة واساس الطفل ومنها
تتكون شخصيته ومهاراته ليرسم لنفسه خطوات النجاح بالمستقبل.
حزين ان نتكلم عن طفولة اغتصبت مراحل نموها، فعبرتها التكنولوجيا بلمحة البصر، ليجد الطفل
نفسه انتقل للنضج بدون سابق انذار، انتقل لعالم الذئاب، وهو مجرد يرقة وجب ان تخطوا ببطء لتصبح فراشة
تتألق بأجنحتها اليافعة، فتتناقل بين زهور الحياة وورودها، قد تتأذى بشوك بعضها
لكنها تنتفع برحيق اخرى.
تلك هي طفولة الماضي، طفولة تمحورت احداثها بين
الكتب واللعب وبين الاسرة والاصدقاء، طفولة خالية من الأسى والمشاكل ومليئة
بالذكريات، لحظات مرة على اذهاننا فسقتها وأنبتت من بذورها حدائق وجنة لكل طفل نمى
بداخلنا.
عكسهم،
من؟ اطفال التكنولوجيا، اطفال العصر، اطفال أرغموا على مواكبة موجة
الغبار التي اجتاحت بيوتنا فسممت عقول ابنائنا، حصرت خيالهم وسرعت نموهم بدون وعي منهم ولا منا،
فأدمتنهم على استعمالها المفرط لينتقلوا للعيش في عالم افتراضي مقابل حب ذاتهم واعتزالهم عن الاحاسيس
وعن معاشرة محيطهم الفعلي. فيرهق جسدهم اليافع وروحهم الطيبة ويغرس فيهم
حقنة الاعتزال والاغتراب عن الواقع.
اين هي
لمت الاسرة؟ اين هي فرحة العيد؟ اين هي فترة اللعب؟ اين هي كل
لحظة مميزة عشتها في طفولتي ليغصب من هم بعدي منها؟ كم هو حزين، ان أجد ما هو مميز بحياتي لأحكيه
لأحفادي بينما ابنائي لن يجدوا سوى ذكرى التكنولوجيا واهميتها في حياتهم وكيف كانت
فرحتهم عند استقبال رسائل الحب والتهنئة الكترونيا بينما لن يحسوا بغمرة الاحتضان
وحلاوة اللقاء، لن يحسوا ببساطة الحياة، بجمالية اللعب مع ابناء العائلة والجيران، لن يحسوا بالشوق لحكايات الجدة وقصصها. . .
عذرا لكم
لم تحسوا ولن تحسوا وهذا المحزن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق